فتح إيثان عينيه ببطئ ليرى نفسه في مساحة بيضاء شاسعة لا يمكن رؤية نهايتها. بدأ بالتجول بداخل هذا الفراغ باحثًا عن مخرج، بعد مدة من التجوال لمح من بعيد شيئًا ما.ضل ينظر باتجاهه لعدة لحضات محاولا معرفة ما هو.ليبدأ يتوجه نحوه ببطئ، ومع كل خطوة يخطوها يصبح أوضح فأوضح، وكلما اقترب اكثر بدأ يسمع صوت بكاءٍ غريب يزداد اكثر فاكثر. كان الصوت مألوفًا له لكنه لم يتذكره. بقي يقترب ناحيته حتى وصل إليه ليجد أنها نفس السيدة العجوز التي رآها سابقًا. كانت منهارة على الأرض وتبكي كما في المرة السابقة. اقترب إيثان منها ووضع يده على كتفها. توقفت العجوز عن الصراخ، وعمَّ الهدوء المكان لبضع ثوانٍ معدودة. لم تتحرك العجوز طيلة تلك الثواني.
فجأة، التفتت العجوز ببطء نحو إيثان، إلا ان لفت وجهها بالكامل نحوه، توسعت عينا إيثان من الصدمة فور رؤية وجهها المغطى بالسواد،كان وجهها خاليا من ملامح فوقه نار شديدة السواد على وجهها. وضعت العجوز يديها على كتِفيْ إيثان، ورغم أنها لم تكن تملك فمًا، إلا أنه استطاع سماع صوتها بوضوح. كان صوتها حادًا ويُسمع صداه وكأنها تتكلم داخل كهف: "طفلي لم يفعل شيئًا، ومع ذلك قتلوه! لقد قتلوه!" بدأ صوتها يزداد خشونة قليلاً: "أنا أكره إمبراطورية كاتوران، أكرهها بكل ما أملك. الجميع يكرهها، لكن لا أحد يستطيع فعل شيء حيالها." بدأت العجوز تمسك بكتفي إيثان بقوة، مما جعله يشعر بالقلق و عدم الارتياح.حاول نزع يديها عن كتفيه. بدأ يشد يدها وهي تزيد من قوة شدها لذراعه وتقول: "لا أحد يستطيع فعل شيء حيالها، لا أحد، لا أحد، لا أحد." بدأت تكرر كلامها مرارًا وتكرارًا بينما كان إيثان يجاهد لنزع ذراعيها عن كتفيه، إلى أن تمكن من نزع إحدى يديها وسدد ضربة نحو وجهها لتسقط على الأرض وتفك قبضتها الثانية.
بقي إيثان يتنفس بصعوبة وبدأ يخطو بضع خطوات إلى الوراء مبتعدًا عنها. شعر بشيء غريب في ذراعه اليسرى. رفع ذراعه ونظر إليها ليرى أن قبضته قد امتلأت بالسواد. شعر إيثان بالرعب و التوتر وهو يرى السواد ينتشر ببطء حول ذراعه حتى أصبحت سوداء بالكامل. وجَّه نظره نحو العجوز بوجهه مليء بالقلق، ليراها ما زالت ساقطة على الأرض وتكرر نفس العبارة، إلا أن توقفت للحظة عن الصراخ. عمَّ الهدوء المكان ولم يبقَ شيء مسموع سوى صوت تنفس إيثان. رفعت الجدة رأسها نحوه وبدأت تنظر إليه بوجهها المليء بالسواد. بقي إيثان متوترًا والعرق يتصبب من وجهه. نطقت العجوز فجأة بصوت غريب، مزيج بين صوتها وصوت رجل: "لكن... هل بإمكانك فعل شيء؟"
بدأ إيثان يفتح عينيه ببطء ليجد نفسه مستلقيًا في سريره. نهض من السرير ونظر بأنحاء الغرفة ليرا أن لا أحد بالمكان. توجه نحو جرة الفخار وسكب بعض الماء في الكوب وبدأ بالشرب. بعد انتهائه، توجه نحو الباب وخرج من الكوخ ليرى جوزيف ينتظره أمام الباب. ألقى جوزيف التحية قائلاً: "صباح الخير أيها الكسول. آسف لقول هذا في الصباح الباكر، لكن ميرا طلبت مني أن أقوم بإيقاظك وإحضارك إليها، لذا من فضلك اتبعني." استدار جوزيف وبدأ بالتوجه نحو مكان ميرا وإيثان يتبعه. أثناء الطريق، نظر جوزيف نحو إيثان بابتسامة خفيفة على وجهه وقال: "حسنًا، لا أعرف إن كنت تريد أن تعرف أم لا، لكن ميرا طلبت مني إحضاركم جميعًا للقيام بأول مهمة لكم. إنها أول مهمة، لذا لن تكون صعبة كثيرًا، على الأغلب ستكون مجرد إحضار شيء ما أو استكشاف منطقة ما."
توقف جوزيف أمام أحد الأكواخ. كان ذلك الكوخ مختلفًا عن البقية، كان أكبر حجمًا مع مجموعة من الزهور البيضاء حوله ما عدا الطريق المصنوع من الحجارة يمتد على طول الباب. نظر جوزيف نحو إيثان وأعطاه ضربة خفيفة على صدره وقال: "إذن، ما رأيك بالمكان؟ إنه جيد، صحيح؟" لم يعِره إيثان أي اهتمام وظل ينظر إلى الزهور بانبهار. وضع جوزيف يده على كتف إيثان الأيسر وضحك قليلاً وقال: "أعجبتك هذه الزهور؟ إنها أجمل شيء في هذه القرية البسيطة." وأشار إلى الزهور و أكمل كلامه قائلاً: "سكان القرية يعتبرون هذه الزهور رمزًا للأمل والطيبة والتسامح، وعندما ينظرون إليها يشعرون بأن هناك أملاً في هذا العالم القاحل." كلما نظر إيثان إلى هذه الزهور، شعر براحةٍ وسلامٍ يتغلغلان داخل جسده. بقِيَّ الفتى ينظر إليها لعدة دقائق حتى قام جوزيف بتوجيه ضربة خفيفة له ليستعيد تركيزه. بعدها ذهب جوزيف نحو حقل الزهور وقطع وردة منها وأعطاها لإيثان: "حسنًا، إذا أعجبتك هذه الزهور بشدة، يمكنك أخذ واحدة، لكن علينا الدخول بسرعة لأن ميرا لن تكون صبورة إلى هذه الدرجة." أخذ إيثان الوردة من جوزيف وتوجها نحو الكوخ.
بعد دخولهما، وجدا جيسي وجيني والبقية في انتظارهم. نظرت ميرا نحو جوزيف بعصبية وقالت: "لماذا كل هذا التأخير؟" قام جوزيف بالاعتذار لها وتوجه هو وإيثان نحو أحد الكراسي الموجودة. جلس إيثان أمام جيسي، بينما جلس جوزيف أمام نيكولاس. نظر جيسي إلى الزهرة التي بيد إيثان وقال له: "أوه! إنها تلك الزهور التي بالخارج، هل أعجبتك أيضًا؟" وبدأ يربت على رأس ايثان مع ضحكة خفيفة. طلبت ميرا من الجميع الانتباه. وجه الجميع أنظارهم نحوها منتظرين سبب استدعائهم. قالت: "حسنًا، لقد شرحت لكم سبب استدعائي لكم مسبقًا، لكني سأكرره بسبب تأخر هذين الاثنين. لقد أحضرتكم للقيام بأول مهمة لكم في هذه القرية، وبما أنها مهمتكم الأولى، فستكون مهمة بسيطة. طبعًا، إذا كانت لديكم أي أسئلة، فتفضلوا بطرحها."
تكلم نيكولاس قائلاً: "هل هناك أي عائد مادي أو استفادة من هذه المهمة؟"
جاوبته ميرا: "طبعًا، مقابل كل مهمة تقومون بها سيحصل كل واحد منكم على 30 أنرو. هل من أسئلة أخرى؟"
رفع جيسي يده قائلاً: "ما الذي علينا فعله في هذه المهمة؟"
ردت عليه ميرا: "حسنًا، المهمة بسيطة." استدارت نحو خريطة كبيرة على أحد الجدران ووضعت إصبعها على أحد الأماكن بالخريطة: "سوف تتوجهون نحو غابة سوكاتا. لقد قال أحد مواطني القرية إنه وجد هناك بعض الأعشاب الطبية المفيدة، ومهمتكم بكل بساطة هي إحضار تلك الأعشاب."
رد عليها جيسي: "لكننا لا نعرف أين يقع هذا المكان بالضبط، فنحن لسنا من هذه المنطقة حسب ما أرى." وجهت ميرا إصبعها نحو جوزيف قائلة: "أنا أعرف، ولهذا السبب سيذهب معكم جوزيف أندرسون في هذه المهمة. لديه معرفة شاملة بالمكان، لذا لا داعي للقلق من الضياع." أخذ جيسي نفسًا عميقًا ونظر نحوها قائلاً: "حسنًا، متى سنذهب؟"
ردت ميرا عليه: "ستذهبون حالًا، وبالإضافة يا جيسي..." نظر جيسي نحوها باستغراب: "ماذا تريدين؟" ردت عليه ميرا: "لا مشكلة إن قمت بإيصالهم بسيارتك، صحيح؟"
اعتلت الصدمة ملامح جيسي واستدار بسرعة نحوها: "ماذا؟ سيارتي هنا؟ أين وضعتموها؟!" ردت ميرا عليه: "اهدأ يا رجل، ستجدها عند باب الخروج."
خرج جيسي والبقية من الكوخ وطلب منهم جوزيف أن يتبعوه. تابعوا المشي حتى وصلوا إلى بوابة ضخمة أمامها رجل ذو لباس بني وقبعة بنفس اللون. ذهب جوزيف إليه وأخرج بطاقة فيها بعض الرموز الغريبة وأخبره أنه في مهمة. نظر الحارس إلى البطاقة وقام بسحب رافعة أمامه ليبدأ الباب بالفتح ببطء حتى فتح بالكامل، ثم أغلق بعدما خرج جوزيف و بقية ليرو صحراء قاحلة مع بعض الاشجار الميتة خارج سور نضر نيكولاس يمينا و يسارا و قال بسخرية:عشت في اماكن مثل هذه معضم حياتي لكني لست مشتاقا اليها"نضر جيسي الا يمين ليرا ان سيارته موجودة امام احد جدران
اسرع نحو سيارة و قام بتشغيلها بعد سماعه صوت سيارة بدات راحة تعود الا قلبه و هو يتكلم بعقله"الحمد لله مازالت تشتغل"توجه بقية نحو سيارة ركب جوزيف في مقعد الامامي بينما ركب الاخرون بالخلف وقبل الاقلاع قال جوزيف لهم"لا حاجة للخوف من ضياع طالما انا معكم".اخرج جوزيف خريطة من حقيبة صغيرة كانت لديه و اخبر جيسي بأن يتوجه
لليمين. ليقوم بتحريك سيارة تحت توجيهات جوزيف و الانطلاق نحو رحلة جديدة.
(النهاية)
gg