Cherreads

Chapter 24 - ذكريات اليمة

دخل نيكولاس وإيثان إلى كوخهما بينما ذهبت جيني هي الأخرى نحو الكوخ الذي تسكن فيه. استلقى الاثنان على سريريهما بينما كان نيكولاس يحك رأسه، ليعم الصمت المكان. أغمض نيكولاس عينيه بينما ظل إيثان ينظر نحو السقف بابتسامة خفيفة، شارد الذهن، يفكر في مدى روعة اللعب مع هؤلاء الأطفال. أثناء تسكعه معهم، أحس بإحساس غريب عليه، إحساس لم يجربه من قبل. مزيج من التعب والسعادة والتحدي. إحساس ما زال يشعره بشعور جيد. بدأ بالتثاؤب بينما يغمض عينيه والابتسامة لا تزال عالقة على وجهه. منذ استيقاظه في وسط الجبال وهو يواجه المخاطر والتحديات يوميًا وكان من الممكن أن يموت في أي وقت. ولكن من أول دخوله إلى القرية، أحس بالأمان لأول مرة منذ استيقاظه، وفي نفس الوقت جلبت له أوقاتًا سعيدة، كالمتعة باللعب دون الخوف على حياته من الموت، أو رؤيته لحديقة الأزهار، وتعرفه على أصدقاء جدد، وحصوله على سرير مريح. غطى نفسه ونام.

بعد مرور عدة دقائق من الصمت، دخل جيسي الكوخ وفي يده كيس فيه أجورهم للمهمة التي قاموا بها. رمى جيسي الكيس ثم استلقى على سريره ليسترخي قليلاً. بعد مرور عدة دقائق، فتح نيكولاس عينيه ببطء ورفع رأسه لينظر نحو الشباك، ليجد أن أشعة الشمس الحارقة لم تقل بعد. أسقط رأسه على وسادته بينما ينظر نحو السقف بتعب. أغمض عينيه لينام، لكن مع سيطرة الهدوء على المكان، بدأ عقله يعود به إلى ذكريات الماضي، مرجعًا إياه إلى أيام طفولته.

تذكر نيكولاس أحد الأيام عندما كان يبلغ من العمر 10 سنوات، كان يتقاتل مع أحد أصدقائه في حلبة كبيرة على شكل دائرة، بينما مجموعة من الكاتوريين ملتفون حولهم وهم يصرخون أثناء مشاهدتهم القتال. لقد كان يتم استعمال الذكور من شعبه إما في المهام الشاقة كالحفر أو الزراعة أو في العروض الترفيهية التي تتمثل في قتال اثنين من شعبهم في حلبة دائرية متوسطة الحجم، ومن يخرج من الحلبة أو يسقط لمدة 5 ثوانٍ هو الخاسر. لقد كان الاثنان متعادلين. كان نيكولاس مليئًا بالعرق بينما يتنفس بصعوبة من التعب، ونفس الشيء بالنسبة للآخر لكنه كان في حالة أسوأ قليلاً منه. كان نيكولاس ينظر نحوه بتوتر وتعب وقال في داخله: "يبدو أنه في حالة سيئة. بإمكاني توجيه عدة لكمات له وإخراجه من الحلبة والفوز، لكن... سوف يتم جلده من قبل مالكه إذا خسر، ونفس الشيء بالنسبة لي..."

بدأ الفتى الآخر بالتوجه نحوه وتعابير التعب واضحة على وجهه. لقد كان طفلاً بنفس عمره وطوله، ذو رأس أصلع وجسد سمين بعض الشيء. ثم بدأ يحاول تسديد لكمات لنيكولاس لكنه كان يتفاداها بسهولة. لقد كان الفتى مرهقًا وغير قادر على الاستمرار. اقترب أحد الكاتوريين إلى الأمام وصرخ بصوت عالٍ: "إياك أن تخسر أيها البدين. إذا خسرت فسوف أُجلدك 30 جلدة." ظهرت تعابير الرعب على وجه الفتى. وبدأ يضرب بكل ما تبقى له من قوة نحو نيكولاس، لكنه لم يستطع إيذاءه. أخذ نيكولاس نفسًا عميقًا بينما يفكر: "وضعه مثير للشفقة... أريده أن يفوز، لكني لست مستعدًا لتلقي 30 جلدة أخرى لهذا اليوم." أخذ نيكولاس وضعية هجومية وقام بسحب قبضته إلى الوراء بسرعة، وقبل أن يسدد الضربة قال بنبرة حزينة وملامح الشفقة تسيطر على وجهه: "آسف"، ثم سدد ضربة مباشرة نحو وجه الفتى مما جعله يسقط على الأرض فاقدًا للوعي. علت صرخات مختلطة من الفرح والغضب في الأرجاء بينما خرج نيكولاس من الحلبة بوجه عبوس. توجه الرجل الذي صرخ على الفتى سابقًا نحو الحلبة وملامح الغضب تسيطر على وجهه. ثم أمسك الفتى من قدمه وجره خارج الحلبة. بعد خروج نيكولاس من الحلبة، توقف أمام أحد الرجال. رجل ما بين البياض والسواد، ذو عينين سوداوتين، يرتدي قميصًا أحمر كالدماء وسروالًا أبيض، ويلبس قلادة في نهايتها جمجمة صغيرة. نظر نحو نيكولاس بابتسامة كبيرة وقال له: "أحسنت لقد ربحت 100 نورو من فوزك. أتمنى أن تستمر على نفس المنوال." رد عليه نيكولاس وهو ينظر نحو الأرض: "أيمكنني الذهاب إلى أمي؟" رد عليه الآخر: "بما أن مزاجي جيد اليوم، يمكنك الذهاب إليها، وفوقها سأعطيك هدية صغيرة." أخرج من جيبه خبزة متوسطة الحجم وقدمها له. شكره نيكولاس على الهدية وتوجه مسرعًا نحو المكان الذي تعيش فيه أمه.

وصل إلى كوخ حجري مليء بالتشققات في كل أنحائه. فتح الباب ودخل، ليجد أمه تقوم بتنظيف ملابس مالكيهم بوجه عبوس خالٍ من المشاعر. توجه نيكولاس نحوها ومد لها الخبزة. نظرت الأم نحوه، لتظهر ملامح الحزن على وجهها فور رؤيته. فتحت ذراعيها وقامت بمعانقته وهي تقول: "أوه يا صغيري نيكولاس، أنا آسفة لجعلك تتعب نفسك لأجلي." عانق نيكولاس أمه وقبّلها على رأسها وقال لها بابتسامة خفيفة: "أنت تكررين هذا الكلام دائمًا يا أمي، لا داعي للقلق علي. أنتِ أمي، وعلي أن أعتني بك. هيا توقفي عن الحزن وكلي الخبزة التي أحضرتها لك." بدأت الدموع تخرج من عيني الأم لكنها قامت بمسحها بيديها. أخذت الخبزة من يد نيكولاس، وقسمتها إلى نصفين، ووزعتها بينهما. أخذت الأم تأكل ببطء بوجه عابس، بينما كان نيكولاس يأكل بشراهة وسرعة حتى أنهى خبزته في دقيقة واحدة. أخذ نفسًا عميقًا ثم أمسك كأسًا من الماء وشربه. جلس أمام أمه وبدأ يساعدها في الغسيل.

بعد مرور عدة دقائق، سمع نيكولاس صوت فتح الباب فالتفت لمعرفة من دخل. ليجد نارسيسا تدخل المنزل بوجهها العصبي كالعادة. نهضت الأم نحوها وقامت بنزع حذائها من قدميها، بينما تنظر نارسيسا نحوها باحتقار. بعد أن انتهت الأم، توجهت نارسيسا نحو المطبخ قائلة: "أتمنى أن أجد الطعام جاهزًا أيتها الع^#%." استشاط نيكولاس غضبًا عند سماعه ذلك لكنه بقي في مكانه دون أن يفعل شيئًا خوفًا من أن يفعلوا شيئًا لوالدته. دخلت نارسيسا المطبخ وتبعتها الأم. جلست على الكرسي بينما أحضرت الأم قطعة لحم لها ووضعتها على الطاولة. أمسكت نارسيسا الطبق وبدأت تأكل بشراهة بينما كان نيكولاس ينظر نحوها بقرف. عند انتهائها من الطبق، قالت للأم بهدوء: "أيتها الخادمة، اقتربي إلي." اقتربت الأم نحوها والتوتر واضح على وجهها. أمسكت يدها ووضعتها على الطاولة بينما ظلت الأم تنظر نحوها بوجه متوتر، ومشاعر القلق تسيطر عليها. أمسكت نارسيسا بسكين كانت أمامها وبسرعة قامت بطعن ذراع الأم. سحبت الأم يدها بسرعة وبدأت بالصراخ والبكاء بهستيرية من الألم، بينما الدماء تنغمر من ذراعها. نهضت نارسيسا من الكرسي وصرخت عليها بوجه مليء بالغضب: "ألم أقل لكِ ألا تكثرين من الملح؟ ألا يمكنك أن تقومي فقط بإضافة كمية معتدلة من الملح؟ أأنتِ فاشلة إلى هذه الدرجة أيتها العبدة الغبية؟" سقطت الأم على الأرض وهي تمسك ذراعها بقوة من شدة الألم، بينما الدموع تنهمر من عينيها والأرضية مُلئت بدمائها. توجهت نارسيسا نحوها وبدأت بركلها مرارًا وتكرارًا بوجه مليء بالغضب: "أيتها الع^#% الفاشلة، فوق ما أنكِ قمتِ بأخذ زوجي مني، لا زلتِ لا تستطيعين القيام حتى بشيء بسيط أيتها الحمقاء الع^#%* الغبية"كل هذا كان يحدث امام اعين نيكولاس.الذي كان يحاول تهدئة الغضب الذي بداخله و عدم فعل شيئ لتجنب اية مشاكل اضافية.لكنه لم يستطع التحمل.لم يستطع ان يبقى ينظر فقط الا امه و هي تهان من تلك الع&^&*.لقد وصل الا حدود تحمله.نظر بطرف عينه لليمين ليلمح صندوقا صغيرا مليئا بالسكاكين و المعالق.توجه نحوه بسرعة و سحب سكينا منه.ثم نظر نحو نارسيسا و هو على وشك الانفجار من الغضب.ثم ركض نحوها و في لحضة واحدة.قام بطعنها في قدمها.سقطت نارسيسا على الارض بينما تصرخ من الالم.نظر نيكولاس نحوها بنظرات مليئة بالغضب و الاحتقار و بدأ بتسديد لكمات في وجهها.مخرجا كل غضبه عليها.بينما كان صوت صراخها يزداد مع كل لكمة.رفع نيكولاس ذراعه للهواء و بكل قوته سدد ضربة الا فمها مما ادا انكسار بعض من اسنانها.ثم قال بصوت مليئ بالكراهية"توقفي عن صراخ كالع&^#$".توقفت عن صراخ و بدأت الدماء تخرج من فمها و انفها بغزارة.ثم بدأت تغمض عينيها ببطئ.ظل نيكولاس يتنفس بصعوبة من التعب ثم توجه نحو امه الساقطة على الارض.قام بإمساك جزء من ملابسه و بدأ بتقطيعها.ثم قام بنزع السكين من يدها و تغطيته بذالك الجزء من الملابس.و قال لها بصوت قلق"امي هل انت بخير؟جاوبيني"بدأت الام تفتح عينيها ببطئ لتجد نيكولاس امامها.ضهرت ابتسامة خفيفة على وجه نيكولاس ثم قام بمعانقتها."لا تقلقي يا امي انت بخير"بينما كان نيكولاس يعانق امه.لاحظت الام جسد نارسيسا الساقط على الارض.لتظهر تعابير الصدمة على وجهها.ابعدت الام نيكولاس عنها ثم قامت بوضع يدها على كتفه و قالت له بنبرة مرعوبة"نيكولاس....ما الذي فعلته؟"رد عليها نيكولاس"لا تقلقي يا امي لقد ابرحتها ضربا لن تكرر لمسك مرة اخرى"وضعت الام يدها على رأسها بوجه مرعوب لأقصى الحدود.ظهرت تعابير الاستغراب و القلق على وجه نيكولاس متسائلا عن الخطأ الذي فعله.صفعت الام نيكولاس بقوة و قالت له بمزيج من الرعب و الغضب"ايها الغبي ما الذي فعلته لو عرف الاخرون انك اذيتها سوف يقومون باعدامنا نحن الاثنين"امسكت الام بيد نيكولاس ثم خرجت من المطبخ.نظر نيكولاس نحوها بوجه مفزوع و قال"الا اين نحن ذاهبان؟"طلبت الام منه ان يسكت ثم استمرو بالمشي إلا أن وصلو الا الغرفة التي ينامون فيها.توجهت الام بسرعة نحو احد الكراتين ثم قامت بنزعه.لتظهر حفرة كبيرة بالجدار مغلقة من الخارج بقطعة خشبية.استغرب نيكولاس من ما رأاه ثم قال"منذ متى هناك حفرة بغرفتنا؟"ظلت الام صامتة و اشرت له لكي يأتي.دخلت الام الا الحفرة و دفعت الخشبة لتتسلل اشعة الشمس من الغرفة.خرجت الام من الحفرة و تبعها نيكولاس من الوراء.ليجد نفسه في احد الازقة الخاوية.امسكت الام بيده و بدأت بالذهاب نحو مكان ما.إلا ان توقفت امام احد الاكواخ الظاهر انها قديمة.و قامت بدق الجدار خمسة دقات.بعد مرور عدة دقائق بدأ جزء من الجدار بالرجوع للوراء ليصنع فتحة لداخل الكوخ.دخل الاثنان لداخل ثم اقفلت الفتحة من ورائهم.لم يستطع نيكولاس رأية اي شيئ لأن المكان كان مظلما بالكامل.شعر بعدم الارتياح و قال بصوت قلق"ما هذا المكان؟".بعد مرور عدة ثواني ظهرت شمعة مضيئة فجأة بزاوية الغرفة ثم شمعة اخرى في منتصف الغرفة و ظلت الشموع تظهر بشكل مفاجئ الا ان اختفى الظلام من المكان.و مع انتشار الضوء ضهرت مجموعة من النساء و الرجال و العجائز من شعبهم في انحاء الغرفة ينظرون نحوهم باستغراب.تقدمت الام نحو احد العجزة و قالت له بصوت مليئ بالحزن"لقد قام ابني باذية نارسيسا و انت تعرف انهم لو اكتشفونا سيتم اعدامنا نحن الاثنين"اخذ العجوز نفسا عميقا و قال"الم تقومي بتحذيره بأن لا يقوم بافتعال المشاكل مع كاتوريين؟"رد عليه نيكولاس بنبرة حزينة"نعم لقد حذرتني لكنها كانت تضربها و تهينها لذالك لم استطع السيطرة على نفسي انا اسف"ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه العجوز ثم وضع يده على كتفه و قال له"لا داعي للاعتذار هذا شيئ عادي اي شخص كان سيغضب لو وجد امه يتم التعدي عليها.افتخر بنفسك انت رجل حقيقي"

(يكمل)

gg

More Chapters